أدان تقرير للأمم المتحدة نشر الاثنين ممارسات الجيش الإسرائيلي في غزة أثناء الحملة العسكرية الأخيرة في القطاع، واتهم جنوده بتعريض الأطفال الفلسطينيين للخطر، بصورة متعمدة ومتكررة."
وذكر التقرير أن مجموعة العمل التي أعدته، وثقت وتأكدت من ثبوتية تقارير انتهاكات كثيرة "لا يتسع المجال لحصرها".
وردت إسرائيل، على لسان الناطق باسم رئيس الوزراء، بالتنديد بالتقرير ووصفه أنه مثال آخر على التوجهات المنحازة وغير العادلة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة."
ومن الممارسات المروعة للقوات الإسرائيلية، استشهد التقرير بحادثة وقعت في 15 يناير/كانون الثاني جنوب غربي مدينة غزة، أرغمت فيها قوة إسرائيلية صبياً فلسطينياً، 11 عاماً، على فتح طرود لفلسطينيين تحسباً من احتوائها على مواد متفجرة.
ومن ثم استخدمته كدرع بشري بإجباره على السير أمامهم، و"ظل الصبي في مقدمة المجموعة" رغم تعرضها لإطلاق نار، وفق التقرير المكون من 43 صفحة.
ومن الحوادث التي وردت في التقرير، قصف دبابة إسرائيلية لأحدى المنازل في القطاع في الثالث من يناير/كانون الثاني، ولدى خروج الأب واثنين من أبنائه - كلاهما أصغر من 11 عاماً، لمعاينة الأضرار، أطلق جنود إسرائيليون النار وأردوا ثلاثتهم قتلى أمام مرأى ابنة العائلة.
بالإضافة إلى حادثة أخرى، وقعت نفس اليوم، في ضاحية "الزيتون"" طلب جنود إسرائيليون خروج رب الأسرة إلى بهو المنزل، ودون سابق إنذار، فتحوا نيرانهم عليه وهو يحمل هويته ورافعاً يديه.
ومن ثم أطلقوا النار عشوائياً على الغرفة رغم صيحات اللبن الأكبر للتحذير بالعبرية من وجود أطفال، ولم يتوقفوا وحتى إصابة كافة أفراد الأسرة: الأم وأربعة من أطفالها تتراوح أعمارهم بين الثانية و12 عاماً.
وإلى ذلك، قال ريتشارد فولك مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية إن ارتفاع عدد القتلى من المدنيين الفلسطينيين في الصراع الأخير في غزة يشير إلى فشل الجانب الإسرائيلي في احترام مبدأ التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية.
وأضاف فولك أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف "إن التفاوت الكبير في الوفيات والمتمثل في وفاة 1434 فلسطينياً مقابل ثلاثة عشر إسرائيلياً يشير إلى أن المواجهة العسكرية كانت من جانب واحد ويوفر أساسا للتساؤل حول مشروعية بدء الهجوم العسكري بأسلحة حديثة ضد مجتمع أعزل.
وأشار مقرر الأمم المتحدة، في إطار استعراضه لتقريره أمام المجلس، إلى الأساليب الإسرائيلية التي أدت إلى حصر المدنيين في منطقة القتال مما حرمهم خيار اللجوء إلى أماكن آمنة.
وقال فولك، وهو أميركي الجنسية يهودي الديانة، إن مثل تلك السياسة العسكرية يجب أن تصنف على أنها جريمة جديدة ضد الإنسانية يتعين حظرها بشكل صريح، وفق الأمم المتحدة.
وأشار التقرير الأممي للاستهداف العشوائي للبنى التحتية في القطاع، خلال الحملة التي استغرقت 22 يوماً، ودمرت خلالها المستشفيات والمصحات الطبية ومنشآت معالجة وصرف المياه، والمباني الحكومية.
وذكرى التقرير أن العملية العسكرية "فاقمت من وضع إنساني كارثي يعاني منه الشعب الفلسطيني بالفعل."
وخلفت العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع أكثر من 200 مدرسة مدمرة، و70 ألف فلسطيني دون مأوى.
وجاء في التقرير" هناك تقارير قوية وموثوقة بجرائم حرب وانتهاكات أخرى للمعايير الدولية، مشيرا لرأي مراقبين بإجراء تحقيقات حول جرائم حرب.
وفي سياق متصل، انتقد تقرير مجموعة "أطباء لحقوق الإنسان" الجيش الإسرائيلي قائلاً إن قواته، انتهكت أثناء عملية غزة، "قواعده الأخلاقية."
وتحدثت المجموعة الطبية الإسرائيلية الحائزة على جائزة نوبل بالمناصفة عام 1997، في تقريرها أن الجنود الإسرائيليين لم يسمحوا، أثناء العمليات، بإخلاء الجرحى والمحاصرين لمدة أيام وأبقوهم دون ماء أو غذاء لفترات طويلة.
واتهمت القوات الإسرائيلية بمنع طواقم الإسعاف من الوصول إلى المصابين وإخلائهم، وامتناع الجنود عن تقديم المساعدة الطبية للجرحى، مما أدى لوفاة بعضهم.
وأشار التقرير إلى مقتل 16 من عناصر الطواقم الطبية وإصابة 25 آخرين، واستهداف 34 مركزاً طبياً، في سلوك "يناقض المعايير الأخلاقية لمحاربة الإرهاب."
ومن جانبه اتهم الجيش الإسرائيلي حركة حماس استغلال سيارات الإسعاف "لإنقاذ" عناصرها من مناطق المواجهات واستخدام المستشفيات والعيادات الطبية كمخابئ.
وعلى صعيد متصل، طالب أوليفيه دي شوتر، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في الغذاء، نيابة عن تسعة من خبراء الأمم المتحدة، بإجراء تحقيقات مستقلة وموسعة في عدد من الحوادث منها الادعاءات باستخدام الطرفين للمدنيين كدروع بشرية، وبقيام حركة حماس بتنفيذ عمليات إعدام خارج نطاق القضاء لمدنيين فلسطينيين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية، وقضية استخدام أسلحة معينة مثل قذائف الفوسفور الأبيض في المناطق المكتظة بالسكان.
وشدد التقرير على ضرورة تعاون السلطات الإسرائيلية وحركة حماس مع المساعي الدولية الهادفة إلى تطبيق مبدأ المساءلة عما حدث في الصراع الأخير.