قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن النهضة الاقتصادية التي تشهدها الصين حاليا مكنت بحريتها من الانبعاث من جديد وإن كانت لا تزال قاصرة عن الوصول لمستوى البحرية اليابانية, لكن تطور الأمور يشي بتغير هذا الوضع.
وأضافت الصحيفة في افتتاحية عن الموضوع أن الأسطول البحري الصيني في العام 1888 كان ثامن أقوى أسطول في العالم بعد أن قامت الصين آنذاك بإنفاق قيمة 1350 طنا من الفضة على ما أصبح يعرف بالأسطول البحري للشمال, غير أن بحرية الإمبراطورية الألمانية جعلت حدا لتلك الأسطورة عندما ألحقت هزيمة نكراء بالبحرية الصينية في العام 1894 في معركة نهر يالو, مما سرع بانحطاط الصين وسطوع نجم اليابان.
لكن البحرية الصينية وهي تخلد ذكراها الستين تبدو مصممة على اللحاق بمنافستها اليابانية بل ربما تجاوزها, خصوصا أن اليابان ملزمة باتفاقيات ما بعد الحرب العالمية الثانية بعدم تخصيص أكثر من 1% من ناتجها القومي العام للإنفاق العسكري، في حين يقدر المحللون نسبة إنفاق الصين العسكري بـ4% من ناتجها القومي الأسرع نموا من الناتج الياباني وإن كان حجمه أقل.
ورغم أن البحرية الصينية دعت البحرية الأميركية, دون اليابانية, لحضور احتفالها بذكراها الستين, فإن هناك توجسا في أوساط المسؤولين الأميركيين من أن تتمكن الصين من بناء قوة بحرية قادرة –نظريا على الأقل- من بسط نفوذها بعيدا عن شواطئها.
فقد ذكر تقرير للكونغرس قبل أشهر أن الصين تهدف لبناء قوة -حتى قبل نهاية العام 2010- قادرة على ردع أو منع القوات الأميركية من استخدام مضيق تايوان في حالة نشوب نزاع مع هذه الجزيرة التي تعتبرها الصين جزءا منها.
"
يتوقع أن تتمكن الصين من بناء بحرية تضاهي البحرية الأميركية إلا خلال عقود من العمل الدؤوب
"
ويشير التقرير إلى أن أهداف بكين الإستراتيجية الأخرى تشمل "إبعاد النفوذ العسكري الأميركي من المنطقة"، وهو ما يعني في مرحلة لاحقة تشجيع الولايات المتحدة الأميركية على الانسحاب من المحيط الهادئ, ومتابعة النزاعات البحرية الإقليمية, ناهيك عن حماية الممرات البحرية الخاصة بواردات الصين من النفط والمعادن الأخرى.
ورغم أنه لا يتوقع أن تتمكن الصين من بناء بحرية تضاهي البحرية الأميركية إلا خلال عقود من العمل الدؤوب, فإن اقتراب ذلك اليوم سيثير أسئلة مربكة حول ميزان القوى في المحيط الهادئ الذي ظل ثابتا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بفضل الوجود الأميركي.
وكل ما يمكن لليابان والولايات المتحدة أن يأملاه هو أن تكون الصين دولة ديمقراطية عندما تصل تلك الدرجة من القوة بافتراض أن الدول الديمقراطية أقل تحمسا للرمي بثقلها هنا وهناك من الدول الاستبدادية.
وتنفي الصين أن تكون لها أية نوايا عدوانية، إلا أن كلا من طوكيو وواشنطن لا تخفيان قلقهما من غياب الشفافية الذي يميز الإنفاق العسكري الصيني.
ولا مفر من تقدم البحرية الصينية في ظل ما يشهده هذا البلد من نهوض في كل الميادين نتيجة اندماجه المتزايد في الاقتصاد العالمي, ولئن كان ذلك ينطوي على بعض المخاطر فإنه ضمن إطار توازن القوى اللازم أمر جيد.