كابول- "مع تركيز السياسة الخارجية الأمريكية على أفغانستان، تحتاج الإدارة الجديدة لأشياء أكثر من زيادة عدد القوات لهزيمة حركة طالبان وإقرار السلام.. فينبغي عليها أن تشرك إيران خصمها اللدود في التصدي لطالبان".. هذا ما خلص إليه عدد من الخبراء والمحللين السياسيين عند استقرائهم للسياسة الأمريكية المحتملة تجاه إيران في عهد أوباما.
وقال الكاتب الصحفي الباكستاني أحمد رشيد مؤلف كتاب "طالبان" الذي حاز شهرة واسعة: "من الضروري للغاية التوجه إلى إيران.. لا يمكن تحقيق الاستقرار في أفغانستان دون إيران".
ورأى رشيد أن باكستان "حققت نجاحا جزئيا فقط في محاربة تنظيم القاعدة وحركة طالبان.. الحوار مع إيران سيزيد الضغط على باكستان والدول المجاورة للتعاون مع قوات حلف شمال الأطلسي "الناتو" والقوات الأمريكية في أفغانستان بصورة أقوى".
ويجري الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما مراجعة شاملة للسياسة الأمريكية المتعلقة بإيران، ويتوقع أن يشمل ذلك دور إيران في أفغانستان، بينما ذكر حلف شمال الأطلنطي "الناتو" الذي يقود نحو 55 ألف جندي في أفغانستان، أن الحوار مع إيران "ضروري لمحاربة المتشددين هناك" بحسب ما ذكرته رويترز.
وحين سئل عما إذا كانت أي محادثات مستقبلية بين واشنطن وطهران ستتناول أفغانستان، قال روبرت وود المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية الأسبوع الماضي إنه ينبغي أن يكون ثمة توجه إقليمي نحو أفغانستان، وهذا يشمل إيران.
طالع أيضا:
أوباما: لسنا أعداء للعالم الإسلامي
جيتس: أفغانستان أكبر تحدٍّ عسكري لأمريكا
وانضمت ألمانيا صاحبة ثالث أكبر قوة في أفغانستان إلى الأصوات التي تؤيد التوجه الدبلوماسي الذي يطالب بإجراء حوار مع إيران، وطرحت في الفترة الأخيرة مقترحا يقضي بتشكيل "مجموعة اتصال" غربية لبدء هذا الحوار.
"خطوط الإمداد"
وتعتزم الولايات المتحدة نشر ما يصل إلى 30 ألف جندي إضافي في أفغانستان في غضون فترة تتراوح ما بين عام وعام ونصف، في الوقت الذي تواجه فيه تحديات بشأن خطوط الإمداد التي تعبر طرقا غير آمنة من باكستان، وهو ما يتطلب تعاونا إقليميا أوسع، بحسب رويترز.
وللجيش الأمريكي 32 ألف جندي في أفغانستان، ويأمل في إرسال 13 ألف جندي آخرين على الأقل، من بين الثلاثين ألفا المطلوبين، بحلول الصيف المقبل، لإمكان مواجهة أعمال المقاومة المتزايدة لحركة طالبان، وخصوصا في جنوب البلاد.
وتوصلت واشنطن خلال الأسابيع الأخيرة لاتفاقات مع عدد من الأطراف الإقليمية في وسط آسيا، بالإضافة إلى روسيا، لإيجاد طرق بديلة للإمدادات الأمريكية والأطلنطية إلى أفغانستان، بعد تعرض خطوطها الأصلية في باكستان لأعمال تخريب وحرق خلال الفترة الماضية من جانب جماعات مسلحة تتخذ من إقليم وزيرستان الباكستاني منطلقا لعملياتها، وشكلت عبر الفترة الماضية ما يسمى بـ"طالبان باكستان".
وأوقفت السلطات الباكستانية يوم 20-12-2008 مرور الإمدادات المتجهة إلى قوات حلف الناتو والقوات الأمريكية في أفغانستان عبر ممر خيبر الواقع في الأراضي الباكستانية، والتي تعتمد قوات الاحتلال في أفغانستان عليه بشكل أساسي في نقل عتادها اللوجستي والإداري، وذلك من أجل التصدي للجماعات المسلحة الناشطة في المنطقة.
وبالرغم من أن إيران أحد أهم الممرات التي يمكن أن تكون طريق عبور لهذه الإمدادات؛ نظرا لحدودها الطويلة مع أفغانستان، ووجود موانٍ كبرى لها على بحر قزوين والخليج العربي، فإن ذلك يظل احتمالا بعيد جدا، بحسب خبراء.
وهناك علاقات تجارية قوية بين إيران وأفغانستان، يسهلها وجود طريق سريع ممهد بشكل جيد شيدته إيران، يعبر الحدود إلى إقليم هرات غربي أفغانستان.
ومنذ سقوط طالبان، سعت إيران لتعزيز علاقاتها التجارية مع أفغانستان؛ حيث وقع البلدان العديد من الاتفاقيات في يناير 2003، ونمت التجارة الإيرانية الأفغانية من 10 ملايين دولار عام 2001 إلى نصف مليار دولار في عام 2006، ثم تضاعفت إلى مليار دولار في عام 2008.
"علاقات أفضل"
ويقول داود مراديان المستشار البارز بوزارة الخارجية الأفغانية "إذا ما استقرت العلاقة بين واشنطن وطهران ستتحسن أمورنا في أفغانستان"، وأضاف: "بصفة عامة كانت إسهامات إيران بناءة وإيجابية" في مرحلة ما بعد حكم طالبان.
وفي ظل المعارضة الأمريكية لأنشطة إيران النووية، تعثرت محاولات جرت في الفترة التي أعقبت احتلال أفغانستان لدمج إيران في المخططات الأمريكية هناك، وبينما ذكرت الإدارة الأمريكية السابقة أكثر من مرة أن "جميع الخيارات مطروحة" للتعامل مع إيران، ويزداد الشعور الإيراني بعدم الأمان في ظل وجود أكثر من 30 ألف جندي أمريكي في أفغانستان إلى الشرق منها، و140 ألف جندي أمريكي آخر إلى الغرب في العراق.